تقع في مدينة شهبا وهي أكبر الحمامات المعروفة في القرن الثالث الميلادي، بناها الإمبراطور "فيليب العربي" بين العامين 244 و249م في مدينة "شهبا" التي ينحدر منها، وهي تقع إلى الشرق من الشارع الرئيسي الذي يقطع المدينة إلى قسمين، ويمتد بين البوابة الجنوبية والبوابة الشمالية، وإلى الجنوب الشرقي من الساحة المركزية للمدينة الرومانية القديمة، وتجاور الدارة الرومانية التي تحوي أكبر لوحات فسيفسائية مكتشفة في المنطقة الجنوبية، ويحدها من الشرق "سوق الصاغة" القديم، يقع مدخلها في الغرب، وتتقدمه باحة خاصة بالحمامات، وعند الدخول من المدخل الرئيسي توجد ثلاث قاعات كبرى هي: قاعة الاستقبال الواسعة وهي متهدمة تقريباً، والقاعة الوسطى التي تقود إلى قاعات الاستحمام ذات الشكل الدائري، التي يحدها من الشمال قاعة الهواء الساخن، ونرى في جدرانها أماكن الأنابيب التي توصل المياه إلى الحمامات، التي كانت مسقوفة بالقباب.
كان نظام وصول المياه المستخدمة في الشرب والاستعمالات الأخرى معقداً، ويتم بطريقة هندسية مذهلة قياساً بذلك العصر، فكانت المياه تصل عبر قنوات بازلتية بديعة الصنعة إلى كل بيت وفقاً لنظرية الآنية المستطرقة، وفي ذلك الزمان كان عدد سكان المدينة يبلغ سبعين ألف نسمة داخل السور بحسب الرقم والوثائق المكتشفة، كل ذلك كان بحاجة إلى توفير شروط خاصة للنظافة اختصر أحدها وجود الحمامات الكبرى.
تتصل الحمامات بقنوات مياه ضخمة لا تزال محفوظة حتى الآن، وكانت تجلب المياه من الجبل والتلال المجاورة عن طريق نبع قرية قديمة تدعى "الطيبة" بواسطة قناة محمولة على القناطر كجسر للمنخفضات التي تقطعها، وما زالت آثارها ظاهرة في المدينة قرب الحمامات الكبرى، وخارج الأسوار، وكان يجاورها معبد لآلهة المياه يقع على حافة نفس الطريق، وتعد الحمامات الكبرى رمزاً من رموز النظافة في المدينة القديمة، حيث كان الناس يتداعون للذهاب إليها من أجل النظافة الشخصية واللقاءات العامة، وهو ما بات مع الزمن عرفاً يتخذه الناس في المدن السورية للقاءات في الحمام، وكان في شهبا إضافة إلى هذه الحمامات الضخمة في بنائها وقاعاتها وطرق جلب المياه والتسخين، حمامات صغرى يسكنها الناس حتى وقتنا الحالي، وهي تقع على بعد عشرين متراً إلى الشمال من الشارع الممتد من البوابة الشرقية وحتى الساحة المركزية، وهو ما يثبت بشكل قاطع التطور العلمي والهندسي الذي وصل إليه سكان تلك المدينة آنذاك ، تنتصب إلى الجنوب منها قواعد حجرية ضخمة حملت فيما مضى أقنية المياه من منطقة تدعى (الطيبة) وتبعد 16 كم إلى الشرق من المدينة، تتألف الحمامات من ثلاثة أقسام وفق درجة حرارة المياه فيها: البارد والفاتر والحار، وتضم أيضا صالات ألعاب وباحات محاطة بأعمدة وصالات مطالعة ومكتبة وصالات للتمارين الرياضية والتسلية، وتستوعب تلك الحمامات حوالي 500 شخص.



