963112270001

البيمارستان النوري

يقع إلى الجنوب الشرقي من جامع البهرمية، وهو مشفى بناه نور الدين الزنكي في محلة الجلوم حوالي منتصف القرن الثاني عشر، وهو أقدم الأبنية الإسلامية في حلب, وربما كان البيمارستان النوري قائماً أيام مرور الطبيب ابن بطلان بحلب. ويتألف من غرف عدة على طبقتين وإيوان وباحة ينزل إليها بدرجات. وكان يأوي إليه الفقراء وفيه قاعة للنساء, ويمتاز بابه بمقرنصات أعلى المدخل وفيه كتابة على النجفة والجدارين المجاورين للمدخل. أما داخل القاعة المخصصة للنساء فتوجد كتابة هذا نصها: عمر هذا المكان في دولة السلطان صلاح الدين يوسف بن العزيز محمد بتولي أبي المعالي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي في شهر رمضان سنة 655 هـ (1247م). كما كان هناك كتابة في إيوانه تدل على أنه عُرف في أيام الأشرف شعبان وتعود الكتابة إلى سنة 766-768 هـ / 1365-1367 م حيث كان جرجي نائب حلب. إن هذا الإيوان وقاعة النساء من بناء ابن السفاح، وعلى النافذة التي على بابه ذكر بأنه أحدث سنة 840 هـ / 1436 م على يد الحاج محمد المارستاني.

وكان هناك قاعة سماوية سقفها القاضي شهاب الدين بن الزهي. وقامت مديرية الآثار بترميم البيمارستان, فظهرت العديد من الكتابات الأيوبية أثناء التنقيب. ولم يظهر ذكر ابن بطلان(458 هـ / 1066 م ) الذي أسس العمل في البيمارستان الذي أقيم لخدمة أهل حلب وهذا ما يدل على وجود بيمارستان أقدم من بيمارستان النوري لم يعد موجوداً الآن. وما يدل على تطوّر الطب في حلب وازدهاره أن السلطان برقوق طلب عام 799 هـ / 1396 م الطبيب ابراهيم الشريف الإخلاصي من حلب إلى القاهرة لمعالجة ابنه, وكان محمد بن عبد القادر بن محمد بن سليمان رئيس الأطباء في مشفى أرغون يعطي الدواء بنفسه للمريض. وكان هناك تبادل للأطباء بين حلب والقاهرة, فعندما مرض نائب حلب الأمير الطنبغا المارديني في سنة 749 هـ / 1348 م استدعى من القاهرة لعلاجه الطبيب محمد بن عبد الله بن صغير بن ناصر الدين.

الجناح الأول : فيه أربع غرف يدخل إليها من رواق ( دهليز) يتصدر كلاً منها نافذة ذات قضبان حديدية تطل على باحة صغيرة مربعة الشكل في وسطها بحرة للماء مع نافورة، وقد سقفت الباحة بقبة مكورة مقطوعة يدخل منها النور والهواء. ويبدو أن هذا الجناح كان مخصصاً للمرضى النفسيين. الجناح الثاني : يضم إحدى عشرة غرفة لا منافذ لها سوى مداخلها تحيط بباحة أكثر اتساعاً من الجناح الأول تعلوه قبة مدورة تسمح بدخول النور والهواء، وتصميم شكلها يسمح بعدم تسرب أصوات المرضى إلى الخارج، كما يعزل الضجيج الخارجي عن نزلاء البيمارستان .

الجناح الثالث : وهو جناح مستطيل قبته متطاولة ومقطوعة قامت على أطرافه أربع غرف وفيه إيوانان صغيران.

وربما كان هذا الجناح مخصصاً للنساء أو للشخصيات الهامة. وإضافة إلى ذلك في البيمارستان بقية الخدمات من أماكن الطبخ و دورات المياه ومدخل خاص جانبي غير المدخل الرئيس لجلب الأطعمة وسواها. ويذكر المؤرخون أنه كان يشرف على البيمارستان أطباء للعناية بالمرضى ومداواتهم بالعقاقير الطبية والوسائل النفسية من توفير المناظر الجميلة والزهور والغناء والموسيقى ونوافير المياه مما يبث روح الهدوء والسكينة ويساعد على شفائهم.

و يعدّ البيمارستان من أهم الأبنية الأثرية في حلب والعالم العربي لكونه مشفى متكاملاً يدل على اهتمام أولي الأمر بالأمور الصحية وما كانوا يقدمونه من خدمات للشعب في ذلك العهد. قامت مديرية الآثار بترميمه وإعادته إلى حالته الاصلية وقد تم تجهيزه مؤخراً وتحويله إلى متحف للعلوم الطبية العربية يزوره السياح والمهتمون .


السياحة الثقافية والتراثية